Sep 28, 2024
منطقة مشتعلة - العدد الثاني

منطقة مشتعلة
العدد الثاني - ٢٨ ايلول/سبتمبر ٢٠٢٤

من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأمم المتحدة بانها "مستنقع لمعاداة السامية"، وفي كلمته نهار الجمعة 27 سبتمبر 2024 أمام الجمعية العامة، التي قاطعها عدد كبير من الدبلوماسيين، تحدث عن آخر تطورات الصراع في المنطقة، مدعياً إن إسرائيل تتوق للسلام. وفي كلمته أكدَّ نتنياهو على استمرار العمليات العسكرية ضد حزب الله إلى حين تحقيق أهدافه. وبشأن غزة، أعلن أن على "حماس" أن تغادر.  ومن مقر إقامته في نيويورك أعطى الضوء الأخضر لاغتيال الأمين العام لحزب الله وتصعيد حربه على لبنان.

خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي امام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة 27 سبتمبر 2024 بالغ الخطورة. ولا يتعلق الأمر بالحرب الدائرة في فلسطين ولبنان، بل بما عبر عنه من على منبر الأمم المتحدة، من الاستخفاف بمنظومة حقوق الانسان، والفوقية إزاء أمم وشعوب وبلدان قاطع ممثلوها خطابه الحربجي (belligerent). لقد تعمد السيد نتنياهو مخاطبة العالم بلغة حربية غير مسبوقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أنشئت من اجل حفظ السلام في العالم والحرص على احترام حقوق الانسان. ووصف الأمم المتحدة بانها "مستنقع لمعاداة السامية"، وهاجم محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية؛ وجعل من تأييد سياسات حكومته – بما في ذلك الإبادة الجماعية والاستخدام المفرط للقوة وقتل المدنيين بحجة اغتيال أحد اعدائه – معيارا وحيدا للتحضر والديمقراطية وحقوق الانسان، وصولا الى إعطاء الامر باغتيال امين عام حزب الله في لبنان وهو في مقر الأمم المتحدة في استفزاز غير مسبوق لكل القيم التي تعبر عنها المنظمة الدولية. هذا الاغتيال الذي نفذ بغارة القت 80 طنا على مجمع سكني في ضاحية بيروت الجنوبية لم يكن بالإمكان تحديد عدد الضحايا المدنيين التي نتجت عنه بسبب اختفاء كل ما كان قائما فوق الأرض في مكان القصف. ان التصدي الحازم لهذا النموذج هو مهمة مشتركة امام كل مناصري حقوق الانسان والحق في التنمية والديمقراطية في العالم. فهو يمثل النقيض الدموي للعالم الذي تريده شعوب العالم، التي تبنت قبل أيام قليلة الميثاق من اجل المستقبل في قاعة الجمعية العامة نفسها التي تلا فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي خطابه الذي يروج للتوحش الدموي بديلا للقانون الدولي.




تصعيد غير مسبوق
بعد سلسلة من العمليات التي استهدفت قياديين في حزب الله نجحت إسرائيل في اغتيال حسن نصر الله الامين العام للحزب في خطوة تشكل ضربة قوية قد تكون تداعياتها على التوازنات الداخلية والخارجية كبيرة؛ كما استمرّت الغارات الجوية التي استهدفت قرى وبلدات لبنانية بما فيها الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.

نتج عن عملية الاغتيال واستهداف مقر الحزب تدمير ستة أبنية سكنية مأهولة على رؤوس سكانها ما أدى إلى مقتلهم جميعا ولا زالت عمليات ازالة الأنقاض مستمرة. كما استمرت الغارات الإسرائيلية لغاية صباح السبت مستهدفة قرى ومدناً في الجنوب والبقاع.

وبحسب السلطات اللبنانية المعنية، فإن عدد الضحايا منذ يوم الإثنين الواقع في 21 سبتمبر 2024 بلغ 783 قتيلا، 2312 جريحا، ومليون نازح (ولا يشمل ذلك ضحايا القصف في مقر قيادة حزب الله)، ما يرفع عدد القتلى منذ بداية الحرب في اوكتوبر الماضي الى 1648 قتيلا و8600 جريحا كما بلغت عدد الهجمات التي شنتها إسرائيل على لبنان 3500 هجوما.

المواقف الدولية
بعد مرور عام على اندلاع الحرب بين لبنان واسرائيل وأكثر من اسبوع من استعارها بشكل مأساوي لا زالت المساعي الدولية والعربية عاجزة عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وعلى الرغم من التئام مجلس الامن يوم الخميس الماضي بمبادرة فرنسية ومساعي مشتركة أميركية فرنسية لإيجاد حل يؤدي إلى وقف إطلاق النار لمدة 21 يوما ريثما يتم الالتزام الكامل بالقرار الدولي رقم ١٧٠1 الا ان الاعمال العسكرية لا زالت تتصاعد.

وأعلن مؤخرا عن قيام قطر وتركيا ومعهما مصر بملامح مبادرة شاملة الاهداف نحو بيروت، وتقوم المبادرة نتيجة التخوف الاقليمي مرده الرئيسي ان تدفع التطورات أطراف داخلية على الاستثمار بالحدث وتوسيع هوامش الفوضى، والتي تهدف الى دفع باتجاه اتخاذ خطوات داخلية من ارسال الجيش وصولاً لاجتماع حكومي يطالب بتطبيق القرار ١٧٠١، وليس انتهاء باستغلال اللحظة لانتخاب رئيس الجمهورية كمؤشر على الجهوزية للدخول في التسويات الكبرى

اعتبر الرئيس الأميركيّ جو بايدن أن اغتيال امين عام حزب الله "إجراء عادل" وأن أميركا تدعم تماما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه حزب الله وحماس والحوثيين وأي جماعات أخرى مدعومة من إيران. وفي السياق هذا، وجهت واشنطن وزير دفاعها لويد أوستن الي المنطقة لتعزيز وضع القوات الأميركية في الشرق الأوسط لردع أي عدوان وتقليل مخاطر التحول إلى حرب شاملة بالمنطقة.

وفي هذه الاثناء أصدر الاتحاد الأوروبي تعليمات لشركات الطيران بتجنب التحليق فوق الأجواء اللبنانية والإسرائيلية لمدة شهر.

المواقف الإسرائيلية
تلا عملية الاغتيال سلسلة من الأخبار الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، بشأن استعدادات إسرائيل لتنفيذ هجوم بري في لبنان. ولم يقتصر الامر على اعلان النوايا، لا بل إن إسرائيل قررت فرض حصار عسكري على لبنان يمنع فيه هبوط طائرات شحن من سوريا وإيران او حتى اصلاح المعابر التي قصفت، والتأكيد على استهداف الجرافات التي ستقوم بإصلاح البنية التحتية في المعابر. الحصار العسكري يشمل منع وصول أي سفينة شحن للبنان من إيران او دول تعتبر معادية لإسرائيل

وعلى الاثر أصدرت وزارة النقل اللبنانية تعليمات لمطار بيروت الدولي عدم استقبال الطائرات الإيرانية، بعد أن تحذيرات إسرائيل من أنها ستستخدم "القوة" إذا هبطت أي طائرة من دولة معادية في لبنان.

وكان السيد نتنياهو قد جدد التهديد الإسرائيلي الى يحي السنوار والى قادة ايران مباشرة.من اعلى منبر دولي، وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو التطورات في لبنان تستمر الاستباحة في غزة شبه المدمرة. وتوقف عمليا أي مساع لوقف اطلاق النار هناك والتوصل الى صفقة لتبادل الاسرى.


احدث المنشورات
Oct 06, 2024
منطقة مشتعلة - العدد العاشر
Oct 05, 2024
منطقة مشتعلة - العدد التاسع
منشورات ذات صلة
Oct 14, 2022
الانهيار الاقتصادي، غياب الحماية الاجتماعية، والمساعدات الدولية - أولغا جبيلي
Jan 04, 2023
النشرة الشهرية لشهر كانون الاول / ديسمبر 2022