مبادرات إشبيلية للديون: رفض نسوي ومدني من المنطقة - شيرين طلعت
الدين قضية نسوية
إن أزمة الديون في الجنوب العالمي ليست بقضية نظرية وحسب، بل هي واقع يعيشه الملايين يوميًا. تتحمل النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العبء الأكبر، إذ يواجهن تخفيضات في القطاع العام، ويقدمن رعاية غير مدفوعة الأجر، ويفقدن فرص الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والدخل، حتى تتمكن حكوماتهن من سداد القروض للدول الغنية والمؤسسات الدولية.
لقد بلغ الدين العام مستويات خطيرة. ففي مصر، يخصص أكثر من 50% من إيرادات الحكومة لسداد خدمة الدين (يوروداد، 2024). في لبنان وتونس، يستمر تفاقم أزمة الديون دون أي حلول هيكلية. وقد أدت برامج التقشف المدعومة من صندوق النقد الدولي في مختلف أنحاء المنطقة إلى تجميد الأجور، وخفض الدعم، وتدهور الخدمات العامة، مما أثر على الفئات الأكثر ضعفاً، وخاصة النساء والعاملين في القطاع غير الرسمي.
الدين ليس محايدًا، بل هو أداة من أدوات السلطة، تشكلها التركات الاستعمارية والتسلسلات الاقتصادية العالمية. خلال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FfD4) الذي عقد في إشبيلية، جاءت "مينا-فيم" بموقف واضح: لا يمكن تحقيق مستقبل نسوي في ظل نظام الديون هذا.
موقف مينا-فيم في إشبيلية
لقد عارضنا الجهود التي تبذل من أجل إعادة تدوير الأدوات الفاشلة وطرحها كحلول. فقد أطلق البنك الدولي والحكومة الإسبانية ما سمي "بمركز مبادلة الديون"، وقُدِّم كمسار لإطلاق تمويل التنمية والعمل المناخي. لكننا رفضناه.
- مبادلات الديون لا تخفّض من حجم الدين. إنها تعيد توجيه المدفوعات فقط وتحافظ على عبء الديون.
- ترسخ هيمنة الدائنين. تأتي المبادلات مشروطة، مما يقوض السيادة الوطنية.
- تستبعد الحركات المحلية. تُهمّش المجتمعات والجماعات النسوية.
- تصرف الانتباه عن العدالة. الحلول الحقيقية تتطلب إلغاء كاملاً وغير مشروط للديون.
منظور نسوي حول عدالة الديون
نحن نطالب بـ:
- الاعتراف بعمل الرعاية غير مدفوع الأجر كمحوري للتخطيط الاقتصادي.
- توسيع الحيز المالي العام للرعاية الصحية والتعليم والمرونة المناخية.
- دعم الحلول المناخية النسوية والمجتمعية.
- مشاركة حقيقية للحركات الشعبية في الحوكمة الاقتصادية.
الصوت الموحد للمجتمع المدني
في إشبيلية، وقفت "مينا-فيم" مع شبكات المجتمع المدني العالمي، بما في ذلك Eurodad وAFRODAD وClimate Action Network International، مطالبين بـ:
- إطار قانوني أممي متعدد الأطراف لتسوية الديون السيادية.
- إلغاء كامل للديون.
- إنهاء الآليات الطوعية التي يقودها الدائنون.
- تركيز على الإنصاف والمسؤولية التاريخية في الحوكمة المالية.
نتائج إشبيلية: لا تقدم هيكلي
- لا التزام بإلغاء الديون.
- اعتماد لغة غامضة حول الاستدامة.
- غياب الاعتراف بالآثار الجندرية للتقشف.
- الدفع نحو أدوات مبتكرة مثل مبادلات الديون بدون ضمانات.
من إشبيلية إلى الرباط
في مايو 2025، نظمت "مينا-فيم" و"WEDO" الملتقى العالمي النسوي من أجل العدالة الاقتصادية في الرباط، وأصدرنا إعلانًا تضمن:
- دعوة لإلغاء غير مشروط للديون.
- نظام ضريبي عادل ومحوّل للنوع الاجتماعي.
- نماذج اقتصادية بديلة تركز على الرفاه.
- تمويل مناخي قائم على المنح للحلول النسوية.
- دمقرطة الحوكمة الاقتصادية العالمية.
- دعم التعاون بين بلدان الجنوب.
- إدراج فلسطين واليمن والسودان كمحاور أساسية.
ما بعد إشبيلية: التنظيم من أجل السلطة
نعمل على تعبئة الحركات النسوية، إجراء تحليلات، وبناء تحالفات لتعزيز المعرفة والمناصرة. لا ننتظر التغيير، نحن نبنيه من القاعدة.
الكلمة الأخيرة
الدين ليس مجرد قضية مالية بل نظام هيمنة. قدمت إشبيلية أدوات تعزز سلطة الدائن. لكننا ننظم من أجل عدالة اقتصادية نسوية متجذرة في السيادة والكرامة والإصلاح.
هذا المقال هو جزء من نشرة الشبكة حول مؤتمر تمويل التنمية في إشبيلية.